أسبلة

السبيل لغوياً تعني الطريق، أما اصطلاحاً فهو وحدة بنائية وظيفتها توفير الماء مجاناً للمحتاجين رغبة في نيل الثواب. ويوجد في مدينة القدس، خاصة في منطقة المسجد الأقصى وفي الطرقات المؤدية إليه، 18 سبيل أسست في أماكن مختلفة في المدينة وفي ساحات المسجد. وأسبلة القدس ثلاثة منها تعود للعهد الأيوبي (583-648/1187-1250)، واثنان للعهد المملوكي (648-922/1250-1517) لكن معظمها (13 سبيل) يؤرخ للعهد العثماني (922-1336/1517-1917). ويلاحظ أن اغلب مؤسسي هذه الأسبلة كانوا من السلاطين والأمراء والحكام وكبار الموظفين، فمن بين 18 سبيل نجد ان ثلاثة أسبلة قد تم تأسيسها من قبل مواطنين ومن أشهر أسبلة المسجد الأقصى:

هو عبارة عن حوض ماء كبير دائري مكشوف ملبس بالرخام من الخارج، في وسطه نافورة مياه، ويوجد حول بدن الحوض مقاعد حجرية للوضوء حيث ينساب الماء من حنفيات في جدران الحوض. يقع سبيل الكأس بين مبنى قبة الصخرة المشرفة ومبنى الجامع الأقصى، وهو بهذا يبدو كأنه حلقة وصل بين المبنيين. أول إنشائه يعود الى عهد الملك العادل ابو بكر أيوب شقيق صالح الدين الأيوبي (589ه- 1193م)، وجدد في عهد تنكز الناصري المملوكي (1328م)، ثم تم ربطه من قبل العثمانيين بقناة السبيل في القرن الثامن عشر ، وأضاف اليه المجلس الاسلامي الأعلى في الثلاثينات من القرن العشرين ستة عشر مقعداً رخامياً.

يتكون السبيل عن غرفة صغيره في وسطها خرزة لصهريج ماء يتقدمها من جهة الغرب حوض ماء كبير مغطى بلوح رخامي. ويوجد السبيل في القسم الشمالي الغربي من ساحة المسجد الأقصى إلى الشمال من نهاية الممشاة التي تقود من باب الناظر إلى سطح قبة الصخرة المشرفة قبيل الصعود إلى درج البائكة الشمالية الغربية. أسس السبيل الملك المعظم عيسى (615-624/1218-1227 )، ورمم زمن السلطان برسباي والوزير بيرام باشا على يد محمد باشا والي القدس العثماني، ولهذا يعرف السبيل بعدة اسماء لكن غلب عليها اسم المسبلاتي الذي وظف لخدمة السبيل الشيخ شعلان. وللسبيل قبة جميلة جدا تشبه المظلة، وحاليا السبيل معطل.

سبيل البصيري أو إبراهيم الرومي، يقع إلى الشرق من باب الناظر، غرب المسجد الأقصى، جنوب غرب قبة الصخرة، أخذ اسم البصيري نسبة إلى علاء الدين البصيري الذي أنشأه، واسم إبراهيم الرومي نسبة إلى مجدده إبراهيم الرومي عام 839هـ/ 1435م، وهو مبنى مربع الشكل طول ضلعه ثلاثة أمتار ونصف، فتحت في كل ضلع نافذة كبيرة وضع عليها سياج حديدي، وتستخدم النافذة الشرقية كمدخل للسبيل يصعد إليه بدرجتين، وتوجد فتحة البئر في وسط السبيل.ويعرف هذا السبيل بعدة اسماء: سبيل علاء الدين البصير، سبيل البوصيري، سبيل باب الحبس، سبيل باب الناظر. والسبيل نشط حيث يعمل على تبريد المياه ثلاجة كهربائية

هو أجمل وأفخم أسبلة القدس والمسجد الأقصى المبارك، السبيل الوحيد في العالم الاسلامي الذي يملك قبة مزخرفة من الخارج. وللسبيل غرفة مربعة التخطيط يقوم في وسطها فوهة صهريج وقد بني السبيل بالأبلق ويتكون من ثلاثة أقسام، الأول بدن السبيل ويشغله غرفة التسبيل وفتح بها ثلاث نوافذ كبيرة وعالية وباب في الجهة الرابعة الشرفية والثاني رقبة القبة أو منطقة الانتقال من البدن للقبة وفتح فيها أربع نوافذ والثالث القبة وهي حجرية ذات زخرفة مميزة بالأرابسك. ويقع السبيل في ساحة المسجد الأقصى المبارك ما بين باب المطهرة والبائكة الغربية. وقد قامت لجنة إعمار المسجد الأقصى في الفترة الأخيرة بترميم سبيل قايتباي وإصلاحه. ولاحقا رُمّم السبيل بأمر من السلطان عبد الحميد الثاني عام 1300هـ/1883م كما تبين النقوش الكتابية عليه. يعدّ سبيل قايتباي من أشهر سبل القدس وأروعها، ومن أجمل المباني المقببة في ساحة المسجد الأقصى، لكون قبته مثالاً نموذجياً للعمارة المملوكية المتأخرة بصورة عامة، وللعمارة القاهرية بصورة خاصة. ويتم الدخول إلى هذا السبيل عبر درَج مستدير من الجهة الشرقية. وتتشكل مداميك البناء فيه من حجارة حمراء وصفراء بالتناوب. وفي أعلى البناء هناك شريط للنقش الكتابي التذكاري يتضمن آيات قرآنية بالخط النسخي المملوكي. ويتميز السبيل بقبته الحجرية العالية ذات الزخرفة المميزة والمغطاة بزخارف الأرابيسك. وهناك في الطرف العلوي إفريز يحيط بجدران السبيل الأربعة نُقشت عليه السطور التالية بالخط المصري الجميل: بسم الله الرحمن الرحيم، أنشأ هذا السبيل المبارك مولانا الملك الأشرف إينال، ثم جدّده سلطان الإسلام والمسلمين قامع الكفَرة والمشركين ناشر العدل في العالمين السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي أعزّ الله أنصاره في شهر شوال المبارك سنة سبع وثمانين وثمانماية. ثم جدّده الخليفة الأعظم والسلطان المفخم السلطان الغازي عبد الحميد خان بن السلطان الغازي عبد المجيد خان من آل عثمان أعزّ الله ملكه في شهر رجب الفرد سنة ثلاثماية وألف. ومن الجدير ذكره أن محاولة اختراق فاشلة للمسجد الأقصى جرت في عام 1982م بزعامة يهودا مئير جيتس الذي كان يُدعى حاخام الحائط الغربي، وذلك من خلال حفر نفق أسفل بئر سبيل قايتباي حيث يوجد باب أمويّ كان يوصل إلى المسجد الأقصى المبارك، اشتُهر باسم مكتشفه الأوروبي وارن (Warren). وقد قامت لجنة إعمار المسجد الأقصى في الفترة الأخيرة بترميم سبيل قايتباي وإصلاحه.

لسبيل قاسم باشا قاعدة حجرية بنى فوقها مثمن حوض مثمن الجدران وتعلو بدن السبيل قبة نصف كروية مدببة. ويقع هذا السبيل في القسم الغربي من ساحات المسجد الأقصى الى الشمال الشرقي من باب السلسلة جنوب سبيل قايتباي. وقد أقامه قاسم باشا في سنة 932/1525. وحول السبيل الى كراسي وضوء ينزل اليها بدرجات وللسبيل ظلة خشبية مطعمة بالنحاس تحجب أشعة الشمس عن مستعمليه. ولا يزال السبيل عامرا ويستقطب السبيل أعداداً كبيرة من رواد المسجد الأقصى حيث يقومون بالوضوء منه.

سبيل بركة السلطان هو أحد الأسبلة الستة التي بقيت من مشروع السلطان سليمان القانوني في القدس خارج الأسوار، وأصل ذلك مشروع كبير لإنشاء تسعة أسبلة مع تعمير لقناة المياه الواصلة من بيت لحم للقدس. ويتكون هذا السبيل من كتلة حائطية حجرية بنيت بحجارة بيضاء مهذبة ذات أحجام متنوعة ويعلو الحنية عقد مدبب، وأسفل الحنية حوض حجري لحف الماء وتوزيعه على المارة وأبناء السبيل. وهذا طراز عثماني جديد للأسبلة في القدس يعرف باسم الحنية الحائطية. يقع السبيل خارج أسوار البلدة القديمة في الجهة الجنوبية الغربية. وهو بذلك يقع في منطقة حيوية تستقبل زوّار المدينة القادمين من جهتي الغرب والجنوب، وأنشأ في العصر العثماني بتاريخ محرم 943/29 حزيران. والسبيل معطل.

يتكون مبنى السبيل من قاعدة مربعة تحمل أربعة أعمدة صغيرة مزخرفه وهذه بدورها تسند ثلاثة عقود تفتح على الجهة الشمالية والغربية الجنوبية وأما الجهة الرابعة، الشرفية فهي عبارة عن جدار مغلق. وتدعم العقود التي على هيئة حدوة الفرس قبة صغيرة كسيت مؤخرا ببلاط حجري. ويقع السبيل في القسم الشمالي الغربي لساحة المسجد الأقصى. عمَر هذا السبيل مصطفى أغا براونه زادة، حاكم القدس (قائمقام) في عام 1153/1740-1741، ونقش على السبيل مجموعة من الأبيات الشعرية تؤرخ لبانيه وتوضح أسباب البناء علاوة على احتوائه على زخارف تعكس مضمون الأبيات الشعرية. والسبيل اليوم معطل، وأطلق على هذا السبيل أحياناً اسم سبيل البديري أو سبيل الشيخ بدر.

سبيل باب حطة، سمي بذلك نسبة لموقعه كتجويف داخل الجدار الشرقي لباب حطة. يقع شمال المسجد الأقصى المبارك، شمال قبة الصخرة، أنشئ في الفترة العثمانية. أعادت ترميمه مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية أثناء بناءها لوحدة المراحيض القريبة، ثم ألغي نهائياً بعد ذلك. سبيل بسيط يتكون من عقد مدبب يغطي حوض السبيل، وفوق القوس توجد زخرفة أسنان الفرس، التي تميز المباني العثمانية. ٔوقف علي جار الله ابن مفتي القدس السبيل عام 1060هـ/1650م، إذ توجد أملاك كثيرة تعود لعائلة جار الله بين بابي حطة وشرف الأنبياء.

يتكون السبيل من غرفة واحدة لها مخطط مربع وتغطيها قبة ضحلة، وفتح في الجدار الشرقي لهذه الغرفة باب يؤدي الى داخل الغرفة، حيث تتوسطها خرزة لصهريج وفتح في بقية الجدران نوافذ تتقدمها أحواض مائية لاحتواء الماء المسبل. يقع سبيل باب المغاربة في الجهة الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى على بعد 15 متر الى الشرق من باب المغاربة، ويعود تاريخ إنشائه الى العهد العثماني ومؤسسه القاضي أحمد أفندي الكوتاهي، في عام 948-987/1571-1541. ولازال السبيل عامراً بالماء وان كان لا يوضع في الأحواض. وأطلق على السبيل عدة مسميات مثل سبيل جامع المالكية، سبيل القاضي أمد الكوتاهي، وسبيل بئر القبة.

يقع غرب مئذنة باب الأسباط شمال المسجد الأقصى المبارك.

يقع بين المصطبتين غرب الكأس، فيه 19 مكعبًا حجريًّا لجلوس الناس للوضوء. وجاء اسمه من موقعه، وقد أنشئ في العهد الحديث.

يقع ملاصقا لدرج البائكة الجنوبية من الغرب خلف منبر برهان الدين جنوب المسجد الأقصى، وموقعه سبب تسميته. يقع جنوب قبة الصخرة، أنشئ حديثا على يد لجنة الإعمار نهاية سنة 1418هـ/ 1998م ويحتوي 24 صنبورًا .

سبيل باب الرحمة، سمي بهذا الاسم نسبة لموقعه، حيث يقع غرب باب الرحمة والتوبة أمام درج المدرسة الأحمدية في الجهة الشرقية للمسجد الأقصى، جنوب شرق قبة الصخرة، أنشأته لجنة الإعمار الإسلامي في الشهر التاسع من سنة 1416هـ/1995م .

سبيل حسن الداني، بناه حسن الداني الحسيني عام 1137هـ/ 1724م -في الفترة العثمانية- وسُمِّيَ نسبة لبانيه. يقع مستنداً إلى واجهة القبة النحوية الشمالية، ولم يبق من مبنى السبيل سوى النقش وآثار على الأرض.

تقع شمال سبيل الكأس جنوب المسجد الأقصى. بنيت في العهد الحديث، وفي موقع السبيل في الفترة العثمانية شجرة زيتون قديمة تسمى زيتونة النبي وزيتونة الملة، إذ تروي الحكاية الشعبية أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو من زرعها. ويذكر أنه في مطلع القرن الماضي كانت بيارق موسم النبي موسى تجتمع حول هذه الشجرة .

يقع جنوب المدرسة النحوية، ويعد من أكبر سبل الوضوء، إذ فيه مكعبات حجرية لجلوس المتوضئين أمام الصنابير الثلاثين.